الفضاء الخارجيّ هو الفراغ الموجود بين الأجرام السّماوية، بما في ذلك الأرض، هو ليس فارغًا تمامًا، بل يتكوّن من فراغٍ نسبيّ مْكوّنٍ من كثافةٍ منخفضةٍ من الجُزيئات (الجُسيمات)، وفي الغالب تتكوّن من بلازما الهيدروجين والهليوم، بالإضافة إلي الإشعاع الكهرومغناطيسيّ، والمجالات المغناطيسيّة، والنيوترونات، وقد أثبتت المُلاحظات مؤخّرًا أنّه يحتوي على المادّة والطّاقة المظلمة أيضًا.
بدأ البشر في اكتشاف الفضاء الفيزيائيّ خلال القرن العشرين عبر رحلات المناطيد التي ترتفع في الفضاء، متبوعًا بإطلاق صواريخ فرديّةٍ على مراحل مُتعدّدة، كان "يوري قاقارين" من الاتّحاد السّوفيتي أوّل من اكتشف مدار الأرض عام 1961م ومُنذ ذلك الحين وصلت مركباتٌ فضائيةٌ غيرُ مأهولةٍ نحو جميع الكواكب المعروفة في النّظام الشّمسي.
وللعرب حضورهم أيضًا في علم الفضاء والفلك قديمًا وحاضرًا، وسيكون لهم حضورهم بالتّأكيد مُستقبلًا.، وبما أنّ مجال علم الفضاء في حدّه الادنى في عالمنا العربي، باستثناء بعض الاختراقات مُؤخّرًا، فإنّ العرب يقدّمون مساهماتهم لدولٍ أجنبيّة.
عددُ العرب الذين يعلمون في ناسا كبير، فهم من مُختلف الجنسيّات العربية، ورغم كلّ المُساهمات وكلّ الخبرات وكلّ ما تمّ تقديمه فهو قليل، فقد قاموا برحلاتٍ فضائيةٍ فعلًا، وفي الواقع فالأمر محصور على شخصيّتين فقط، وهما الأمير سُلطان بن سلمان بن عبد العزير آل سعود والسّوري محمد فارس.
رحلة سلطان بن سلمان:
هو طيّارٌ سابقٌ في سلاح الجوّ الملكي السّعودي وأوّل رائدِ فضاءٍ عربيّ مُسلم، ولد في 27 حزيران عام 1906 وترعرع في الرّياض وأكمل تعليمه هناك لاحقًا ثمّ أكمل دراسته في الاتّصالات والملاحة الجوّية في أميركا.
بدأ حياته المهنية عام 1982 وكان حينها يعمل كباحثٍ في قسم الاتّصالات الدّوليّة في وزارة الإعلام السّعوديّة، واستمرّ بعمله هذا حتّي العام 1984، وعمل لمُدّة تتجاوز العشر سنواتٍ في القوّات الجوّية الملكية السّعودية بدءًا من كُلّلية الملك فيصل الجوّية في الرّياض عام 1980 وقاعدة الملك عبد العزيز الجوّية في الظهران عام 1990 ليتقاعد لاحقاً في العام 1996 برتبة طيّار.
العام 1980 هو العام الأكثر أهميةً للأمير وللعالم العربيّ ككلٍّ، ففي ذلك العام وبعد تنفيذ اتّفاقيّة مشروع إطلاق القمر العربيّ الصّناعي الثّاني بين وكالة ناسا والمؤسّسة العربيّة الاتّصالات الفضائية (عربسات) عام 1982 طلبت عربسات من السّعوديّة ترشيح أحد الأشخاص ليُمثّلها في الرّحلة الفضائيّة لإطلاق هذا القمر وذلك لأنّ المملكة من أهمّ المساهمين في المشروع.
حينها فتحت وزارة الدّفاع والطّيران السّعودية بات التّرشّح لهذه الرحلة وبعد سلسلة من الاختبارات وصل للمرحلة النهائيّة 3 طيارين كان الامير سلطان من بينهم وتمّ إرسال الأسماء الى ناسا.
ناسا اختارت الأمير بن سلمان ليكون المرشّح الأساسي للرّحلة على أن يكون الرّائد عبد المُحسن البسّام مرشحًا احتياطيًّا.
بعد ذلك بدأت مرحلة التّدريب للأمير وللبسّام معًا ومن التّدريبات التي تمّ إخضاعهما لها هي كيفيّة نشر القمر الصّناعيّ العربيّ على بُعد 32 كلم من سطح الأرض وكذلك التّصوير باستخدام آلة تصويرٍ من طراز هاسلبلاد 500 وذلك لالتقاط صور التّضاريس الجيولوجيّة لشبه الجزيرة العربية.
في 17 تموز من العام 1980 والذي كان أيضًا اليوم الـ 29 من رمضان انطلق الأمير بن سلمان الى الفضاء كأخصّائي حمولةً في رحلة (STS-51 G) ليدخل في ذلك اليوم التّاريخ بصفته أوّل عربي يقوم برحلة الى الفضاء.
أصبح الأمير سلطان بعد عودته إلى الأرض عضوًا مؤسّسا لرابطة مستكشفي الفضاء، وهي منظمة دولية للرّواد والملّاحين الذين سافروا إلى الفضاء، وفي عام 2000 استلم منصب أوّل أمينٍ عامٍّ للّجنة العليا للسّياحة .
رحلة محمد فارس:
يُلقّب بـ(نيل أرمسترونغ) العرب ورحلته الى الفضاء جاءت بعد رحلة الأمير سلطان بعامين، ولد في 26 أيار عام 1951 في مدينة حلب وهو أوّل طيّار سورِيّ يذهب في رحلةٍ فضائيّةٍ والثّاني على المستوى العربي.
تخرّج من الأكاديمية العسكريّة وعمل كضابطٍ في سلاح الجوّ وكمستشار عسكريّ للحكومة السّوريّة وكمُدرّسٍ في الأكاديميّة العسكريّة، بعد التّخرّج من كلية الطّيران الحربيّة في الأكاديميّة العسكرية السورية عام 1973 التحق بسلاح الجو السوري وحصل على رتبة لواء، واختير عام 1980 كواحدٍ من اثنين كانا مرشحين للمشاركة في برنامج الفضاء السّوفيتي الذي كان ضمن برنامج التّعاون الفضائي بين سوريا والاتّحاد السّوفياتيّ.
شارك فارس مع منير حبيب، وهو السوري الثاني الذي كان مرشحًا، في عدة اختباراتٍ في سوريا ثم في روسيا. في 22 تموز من العام 1987 انطلق فارس كرائد فضاءٍ باحث على متن مركبة الفضاء سويوز (Soyus TM 3) وكانت هذه الرّحلة هي الزّيارة الأولى الى محطّة الفضاء الروسية المدارية «مير» وكان معه في الرحلة نفسها كلٌّ من اليكساندر يكتورينكو وأليكسندر أليكسدروف الرّوسيّين.
بعد عودته الى سوريا أعتبر بطلًا قوميًّا وحاول خلال فترة حكم الرّئيس السوري الراحل حافظ الأسد إنشاء مركزٍ لتعلّم علوم الفضاء ولكن طلبه قوبل بالفشل، أصبح في العام 2000 مستشارًا عسكريًّا للرّئيس بشار الأسد ثمّ في العام 2011 وبعد خروج الشّعب السّوري في مظاهراتٍ شارك معهم في التّظاهرات السلمية، أمّا حاليًا فهو يعيش كلاجئٍ في تركيا.