في عام 1954، توفِّي عالم الحاسب الآليّ وعالم الرياضيّات العبقريّ "آلان تورينج"، وذلك بعد أنْ قضَم تفّاحةً مُغطّاة بمادّة "السيانيد" (السيانيدات هي أملاح حمض سيانيد الهيدروجين HCN، ووتتميز باحتوائها على رابطة C≡N- التي تتكون من ارتباط ذرة الكربون برابطة ثلاثية مع ذرة النيتروجين وهي مادة سامة)، وكأنّها نسخةٌ واقعيّة من قصّة "سنو وايت" والتُّفاحة المسمُومة.
كان من المُفترض منذُ وقتٍ طويلٍ أنّ ذلك كان انتحارًا، ربّما لأنّه كان مُحبَطًا ومُتأثّرًا جدًّا بسبب عمليّة الإخصاء الكيميائيّ التي أجبرته عليها الحكومة البريطانيّة، بعد أن اعترف بإقامة علاقةٍ جنسيّةٍ مع رجل آخر، الشّيء الذي كان مُخالفًا للقانون في ذلك الوقت، ومؤخرًا تكهّن البعض أنّ موت "تورينج" باستخدام تفّاحةٍ لم يكن بالضّرورة مُتَعَمَّدًا.
لقدْ كان من المعروف عنه أنّه كان مُهمِلًا في تجاربه، وفكرةُ أن يقوم باستنشاق السيانيد عن طريق الخطأ أو وضع تفّاحة بالصُّدفة على بقعة من السّيانيد ليست فكرةً خارج نطاق الاحتمال، وهناك نظريّةٌ أخرى تتمثّل في أنّ السّلطات الأمنيّة البريطانيّة اعتبرت "تورينج" تهديدًا أمنيًّا كبيرًا لأنّه كان مِثليّ الجنس، وبذلك فإنّه من المُحتمل أن يكونوا قد دمّروه خوفًا من خطورة مُحاولة قيامه بتسريب أسرارٍ حكوميّةٍ أو الانشقاق والعمل مع الأعداء.
مهما حدث، يظلُّ الواقع أنّ هناك تُفّاحةً نصفَ مأكولةٍ وُجِدَت بجانب فِراش "تورينج"، وبالتّسريع إلى الأمام لما يقرُب عقدين من الزّمن، وبالضّبط إلى زمن بعض الأصدقاء الذين قاموا بصنع حاسوبٍ شخصيٍّ في مرآب، وكانوا قد أطلقوا على مُنتجهم اسمًا، لكنّهم كانوا بحاجةٍ إلى شعارٍ، وقد كان هؤلاء الرّجال على علم بإسهامات "تورينج" في الحواسيب والبرمجة، لذلك قرّروا أن يكرّمُوه ويعلّقوا على الاضطهاد الذي تعرّض له عن طريق إزالة جُزءٍ على شكلِ فضمة واحدةٍ من أيقونة التّفاحة التي اختاروها لتمثيل شركتهم، وهكذا حصلنا على شعار التّفاحة الشّهير الموجود على ظهر جميع هواتفنا المحمولة، حواسيبنا، وأجهزة iPods.
هكذا تقول القصّة على كلّ حال، ورغم لطافتها، فهي ليست حقيقيّة ببساطةٍ، وفقًا للمُصمِّم الذي ابتكر الشّعار "روب جانوف"، الذي قال "أخشى أنّ الشّعار ليست له أيّةُ علاقةٍ بهذا الأمر"، هذا ما صرّح به عام 2009، وأضاف أيضًا: "إنّها أسطورةٌ محلّيةٌ رائعةٌ"، ويقول "جانوف" أنّ القضمة الموجودة على شعار "أبل" كانت في الأصل تخدم هدفًا عمليًّا جدًا: وهو المِقياس، فحجم القضمة هو ما أظهر أنّ الشّكل هو تفّاحة وليست كرزة أو أي فاكهةٍ غامضةٍ مُستديرة الشّكل، والنّظريّات الأخرى التي تقول أنّ الشّعار أشار إلى قيام (حوّاء) بقضم الفاكهة المُحرّمة أو اكتشاف "نيوتن" للجاذبيّة هي أيضًا نظريّات خاطئةٌ ومضلِّلةٌ.
"وإذا كان الفضول ينتابكم حول الخطوط المُلوّنة للنُّسخ الأولى من الشّعار، فهناك أسباب عمليّة وراءها أيضًا جهاز أبل 2 كان أوّل حاسوبٍ شخصيّ أو منزليّ يستطيع إنتاج الصّور على الشّاشة المُلوّنة، ولذا فهي تُمثّل الخطوط العموديّة الملوّنة على الشّاشة". هكذا شرح "جانوف".
ولكنّ ذلك لا يعني أنّ فكرة تكريم "تورينج" هي شيءٌ يعارضه المُبتكرون، فعندما سأل المُمثّل "ستيفن فراي" مرّة صديقه المُقرَّب "ستيف جوبز" عمّا إذا كان الشّعار الشّهير مبنيًّا على قصّة "تورينج"، أجاب "جوبز": "يا إلهي، نحن نتمنّى لو كان كذلك".