عندما تقرأ عن السّرطان أو تسمع أنَّ صديقًا أو شخصًا عزيزًا قد تلقَّى تشخيصًا بالسّرطان، فمِن الطَّبيعيّ أن يكون لديك الكثير مِن الأسئلة؛ هل يُمكن أن يكون لديَّ ورمٌ سرطانيٌّ في مكانٍ ما؟ إلى متى يمكن أن يكون لديَّ سرطان دون أن أعرِف عنه؟ ومتى يجب أنْ يتمَّ فحصي؟
مِن الصَّحيح أنَّه لا يتمُّ تشخيص بعض أنواع السرطان إلّا بعدَ ظهور الأعراض، وقد يكون هذا بعد انتشار المرض أو نُموِّ الوَرَمِ بشكلٍ كبيرٍ بحيث يمكن الشعور به أو رؤيته في اختبارات التصوير.
ولكِنْ يُمكن تشخيص أنواع كثيرة مِن السَّرطانات مُبكِّرًا قبل ظهور الأعراض، لديك أفضل فرصة للبقاء على قيد الحياة ونوعيَّة حياة صحيَّة إذا تمَّ تشخيص السَّرطان وعلاجُه في مراحله المبكرة.
ستستكشفُ في هذه المقالة أنواعَ السَّرطانات الأكثر احتمالًا لعدم اكتشافها، وكيفيّة زيادة فُرَصَكَ في معرفة السرطانات المُحتمَلة مُبكرًا.
أنواعُ السَّرطانات التي مِن المُرجَّحِ ألّا تُكتَشَف:
يُمكن اكتشاف بعض أنواع السَّرطان بسهولةٍ أكثر من غيرها، على سبيل المثال؛ يُمكن تشخيص أنواع مُعيَّنة مِن سرطان الجلد في البداية فقط عن طريق الفحص البَصَرِيّ، ولكِنْ يُمكن أن تتشكّل سرطانات أخرى وتنمو دونَ أن يتمَّ اكتشافها لمدة 10 سنواتٍ أو أكثر - كما وَجَدَتْ إحدى الدِّراسات - ممّا يجعل التَّشخيص والعلاج أكثر صعوبة.
يُقدِّم هذا الجدول نظرةً عامّةً على السرطانات الشائعة التي غالبًا ما تظهر عليها أعراضٌ خفيفةٌ أو لا تظهر في وقتٍ مُبكِّرٍ، وكيف يتمُّ اكتشافُها وتشخيصُها عادةً:
- سرطانُ الخِصيَة: عندما ينشأ السّرطان في إحدَى الخِصيَتين أو كلتيهِما، يُمكن للرَّجُل أنْ يُمضِيَ وقتًا طويلًا دونَ أيَّةِ علاماتٍ أو أعراضٍ واضحةٍ. يُمكن أن تجد الفحوصات الذّاتيّة المُنتظِمة للخصيتين عادةً كُتلةً مُنبِّهة داخلَ كِيسِ الصَّفَنِ، ولَكِنْ ليس دائمًا.
- سرطانُ عُنُقِ الرَّحِم: لا تظهر الأعراضُ غالبًا حتّى يكونَ السرطان في مراحلِهِ المُتقدِّمة. يُمكن أن يساعد الحصول على فحوصات عُنق الرّحم بشكلٍ مُنتظمٍ في الكشف عن الخلايا السّرطانيّة وعلاجها قبلَ أن تُصبح سرطانيّة.
- سرطانُ البِنكِريَاس: يمكن أن تكون الأعراض خَفِيَّةً ولا تُصبح مَلحوظةً - عادةً - حتّى يَكون السرطان في مراحله المُتقدمة. مُعدّلات النّجاة من هذا السّرطان مُنخفضة لهذا السّبب.
- سرطانُ الثَّدي: كما هو الحال مع سرطان الخِصية، يُمكن للفحوصات الذاتيّة - غالبًا - اكتشاف كُتَلٍ أو تَغيُّراتٍ أُخرى في الثّدي تُشير إلى مرحلةٍ مُبكّرةٍ من سرطان الثّدي. التّصوير الشُّعاعِيّ المُنتَظِم للثديّ مُهمٌّ أيضًا في الكشف عن الأورام عندما لا تزال صَغيرة.
- سرطانُ البرُوسْتات: عِند بدايته لا يكون هنالِك وجود للأعراض عادةً. يُمكن لاختبارٍ خاصٍّ بالبروستات - والذي عادةً ما يكون جزءًا من فحص الدَّمِ العاديِّ للرجال - الكشفُ عن علامات في الدّم مرتبطة بسرطان البروستات.
- سرطانُ المِبْيَض: قد لا تكون الأعراض واضحةً في البداية، ولكِنْ عندما تظهر تكون مُفاجِئةً ومُستمِّرَةً، ولا تكشِف فحوصات عُنق الرّحم عن سرطان المِبيض. تشمل الاختبارات التي يُمكن استخدامها لتشخيص سرطان المِبيض فحصًا كاملًا للدَّم واختبارًا لكشف السّرطان واختبارات أخرى لأورام الخلايا الجرثوميّة.
- سرطانُ الرِّئَة: تشمل علامات سرطان الرّئة السُّعالَ المُتكرِّرَ وبَحَّةً في الصّوت. يُمكن للطبيب تشخيصه بفحصٍ بَدَنِيٍّ واختبارات تصوير وفحص مجهري للبلغم (إذا أُنتِج البلغمُ عند السعال.)
- سرطانُ الجِلْد: على الرغم مِن أنّك قد لا تشعر بأيّةِ أعراضٍ في وَقتٍ مُبكِّرٍ، إلا أنَّ التَّغيُّرات التي تطرأ على مَظهر بشرتك، مثل الشامات الصغيرة أو البُقَع، قد تكون علامات مُبكرة لِسرطان الجلد. مِن المُهمِّ أنْ تقوم بإجراء فحوصاتٍ شامِلةٍ للجِلد وأنْ تخضع لفحوصات جِلديّة مُنتظمة.
- سرطانُ القَولون: قد يستمر هذا السرطان البَطيءُ النُّمُوِ لفترةٍ طويلةٍ قبل ظهور الأعراض. فحوصات القولون هي أفضلُ اختبارٍ للعثور على سلائل القولون السّرطانيّة والورم.
- سرطانُ الكُلَى: عادةً لا يُسبِّبُ سرطان الكُلَى أيّةَ أعراضٍ في مراحله المُبكِّرَة، وغالبًا ما يكون فَحص تعداد الدّم الكامِل والفحص البَدنيّ فحوصات كافِيَة لِمعرفة ما إذا كان هُنالك إصابة في الكُليَة أو الكُليَتَيْن؛ وعادةً ما يكون مُعدَّلِ النَّجاة مُرتفعًا في حال لم ينتشِر الوَرم خارجَ كُليةٍ واحِدة.
الفَرق بينَ سرطان المرحلة مع أعراضٍ وبدونِ أعراض:
عِندما يكون هنالك سرطان لَدَى شخصٍ لا توجد أعراض ملحوظة، يُسمَّى سرطان بدون أعراض.
العديد من السّرطانات لا تُظهِرُ أعراضًا في مراحلها المُبكّرة، وهذا هو سببُ أهمّيّة الفحوصات المُنتظِمَة.
تُسمَّى السّرطانات التي تُسبِّب أعراضًا وَاضحةً في وقتٍ مُبكِّرٍ بسرطان مع أعراض، وغالبًا ما يُمكِن علاج هذه السّرطانات في حالِ تمَّ العِلاج مُبكرًا.
أعراض المرحلة المُبكِّرة والمُتأخِّرة مِن السَّرطانات عَديمةِ الأعراض:
- سرطان المثانة:
الأعراض المبكرة: دَمٌ في البَول.
الأعراض المتأخرة: آلامٌ أسفلَ الظَّهر؛ وعدمُ القدرة على التَّبَوُّل. - سرطان الثّدي:
الأعراض المبكرة: نتوءٌ في الثّدي.
الأعراض المتأخرة: تورُّمُ الثّدي أو الذّراع، والشّعور بالألَم. - سرطان بِطانة الرحم:
الأعراض المبكرة: نزيفٌ غير طبيعيّ.
الأعراض المتأخرة: آلامٌ في البطن، انتفاخٌ وتغيُّرات في عادات الأمعاء. - سرطان الكُلى:
الأعراض المبكرة: آلامٌ أسفل الظهر (غالبًا ما تكون على جانبٍ واحد)، دَمٌ في البَول.
الأعراض المتأخرة: فقدانُ الوزن غير المُبرَّر، حُمّى. - سرطان الدَّم:
الأعراض المبكرة: أعراضٌ تشبه أعراض الأنفلونزا، عطساتٌ خفيفة.
الأعراض المتأخرة: آلامُ العظام والمفاصل، ضَعفٌ، تَضخُّم الغُدَدِ اللّيمفاويّة. - سرطان الكَبِد:
الأعراض المبكرة: اصفرارُ الجلد (اليَرَقان)، ألمٌ في الجانب الأيمَن.
الأعراض المتأخرة: وجعٌ في البَطن، القيء، ضَعف. - سرطان الرّئة:
الأعراض المبكرة: السُّعال المُستمِرُّ أو المُتفاقِم، سُعالٌ مَخلوط مع دَم.
الأعراض المتأخرة: شعورُ غريب في الرّئتين، التّعب الشّديد، ضيقٌ في التّنفُّس. - سرطان الجِلد:
الأعراض المبكرة: شاماتٌ ذات شَكلٍ غير مُنتظم.
الأعراض المتأخرة: نتوءٌ تحتَ الجلد، تَضخُّم في الغُدَدِ اللّيمفاويّة. - اللِّمْفومَة اللاهودْجِكينِيَّة:
الأعراض المبكرة: إعياء.
الأعراض المتأخرة: فقدان الوزن، الحُمّى، وَجعٌ في البطن، تعرُّقٌ لَيليّ. - سرطان البِنكرياس:
الأعراض المبكرة: اليَرَقان، ألمٌ في الظهر، إعياء.
الأعراض المتأخرة: انتفاخ، مشاكل في الهَضم، فِقدان الوزن. - سرطان البروستات:
الأعراض المبكرة: صعوبةٌ في التَبوّل، دَمٌ مَخلوط مع البَول.
الأعراض المتأخرة: مشاكل في المَثانة، فِقدانُ السّيطرة على الأمعاء، وجعٌ في الفخذ. - سرطان الغُدّة الدَّرَقيَّة:
الأعراض المبكرة: نتوءٌ في الرَّقبة، تغييرٌ في الصَّوت.
الأعراض المتأخرة: مشاكلُ في التّنفُّس، التهابٌ في الحَلق، صُعوبة في البَلع. - سرطان القَولون والمُستقيم:
الأعراض المبكرة: تغيُّر في عادات الأمعاء، وبُراز مع دماء.
الأعراض المتأخرة: فِقدان الوَزن غير المُبرَّر، غثيان، ضعف.
الفرقُ بينَ العلاماتِ والأعراض:
يُمكن أن تكون علامات المَرض وأعراضه شيئَينِ مُختلِفَين:
- العلامات هي شيءٌ يُمكن مُلاحظته مِن قِبَلِ شخصٍ آخر، مِثل تَغيُّر لَوْنِ الجلد.
- الأعراض هو شيءٌ تَشعر به، مِثل التّعب أو الألَم، وهو غيرُ واضحٍ للآخرين.
تختلف طبيعة علامات وأعراض السرطان اختلافًا كبيرًا اعتمادًا على مكان وُجود السّرطان؛ فسرطان المَثانة - على سبيل المثال - يُسبِّبُ الدّمَ في البَول، بينما يُسبّب سرطانُ الدِّماغِ صُداعًا فظيعًا.
متى تظهر العلامات والأعراض لأوّل مرة؟
عادةً، تظهر عَلامات وأعراض السرطان لأوّل مَرةٍ عندما يَنمو الوَرَمُ أو الكُتلة السّرطانيّة بشكلٍ كبيرٍ، بحيثُ يبدأ في دَفْعٍ ضِدَّ الأعضاء والأنسجة والأوعيَة الدّمويّة والأعصاب المُجاوِرَة.
يُمكن أنْ يؤدي هذا إلى تَغييرٍ في كَيفية عمل الأعضاء المُجاورة؛ يُؤثِّر وَرم الدِّماغ على العَصَبِ البَصَرِيِّ على سبيل المِثال.
متى يجب أن تَرى الطّبيب؟
يجب أن تكونَ فحوصاتُ بعض أنواع السّرطان جُزءًا مِن الرّعايَة الصّحيّة الوقائيّة المُعتادة، وتشمَل:
- البروستات.
- الثّدي.
- القولون والمُستقيم.
- عُنق الرحم.
- الجِلد.
سيُحدِّدُ عُمْرُك وجِنسُك وتاريخُ عائلتك مع الأمراض وتاريخُك الطِّبِيُّ الخاصُّ متى يجب أن تبدأَ الفحوصاتُ الرُّوتينيّة وعدد مرّاتِ القيام بها.
إذا كنتَ قَلِقًا بشأنِ الأعراض المُرتبطة بالسّرطانات المُختلفة، فلا يجب أن تتردّد في رُؤية طبيبك.
العلامات التي يجب الذّهاب بعدها فورًا إلى الطّبيب:
تتضمّن بعض علامات السّرطان الشّائعة التي يجب أن تؤدِّيَ إلى زيارة غُرفة الطَّوارئ أو إلى الطّبيب في أقرب وقتٍ مُمكِنٍ ما يلي:
- السُّعال مع الدّم.
- دَمٌ في البُراز، أو البَول.
- نُتوء في الثّدي، أو الخِصيتين، أو تحتَ الذِّراع، أو في أيّ مكان لم يكُن مَوجودًا فيه نتوءٌ من قبل.
- فِقدان الوزن غير المبرّر ولكِن مَلحوظ.
- ألمٌ شديد غير مبرر في الرأس، أو الرَّقبة، أو الصَّدر، أو البَطن، أو الحوض.
يتمُّ تقييم هذه العلامات والأعراض الأُخَر ومِن ثَمَّ إجراء الفُحوصات، مثل فحوصات الدّم والبَول، إذا اعتقد طبيبكَ أنّه مناسب؛ وتُجرَى هذه الاختبارات للمساعدة في التّشخيص وكذلك لاستبعادِ الأسباب المُختلفة للعلاماتِ والأعراض.
عند زيارة الطّبيب، كُن مُستعِدًا لمشاركة المعلومات التّالية:
- تاريخك الطبيّ الشخصيّ، بما في ذلك جميع الأعراض التي عانيتَ منها وكذلك متى بدأتْ.
- تاريخ عائلتك معَ السرطان أو أمراضٍ مُزمنة أخرى.
- قائمة بجميع الأدوية والمُكمِّلات الغذائيّة التي تتناولُها.
ما هي أهمّيّة مَعرفة ما إذا كنتَ مُصابًا بالسّرطان مُبكِّرًا؟
بالنسبة لبعض أنواع السرطان التي يتمُّ فحصها على أساس مُنتظم، ترتفع مُعدّلات النّجاة منها، وذلك لأنّهم غالبًا ما يتمّ تشخيصهم مُبكرًا قبل ظهور الأعراض.
يبلغُ مُعدَّل البقاء على قيد الحياة لمدّة 5 سنوات للأشخاص المُصابين بسرطان الثّديّ أو البروستات المَوضعيّ، ما يقرب من 100 بالمائة (يقصد بالموضعي أنّ الورمَ لم ينتشر خارج الخلايا الأصليّة المُصابة)، وعندما يتمّ تشخيص المُصابين بسرطان الجِلد مبكرًا هنالك نسبة حوالي 99 بالمائة بالبقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات.
لكِنّ تشخيص بعض أنواع السّرطان في وَقتٍ مُبكِّرٍ أمرٌ صعبٌ، لأنّه لا توجد فحوصات مُنتظمة لبعض أنواع السّرطان، وقد لا تظهر الأعراض حتّى يَصِلَ السّرطان إلى مراحله المُتقدمة.
للمُساعدة في حماية نفْسك من هذه السّرطانات:
- تأكّد مِن عمل فحوصاتٍ مُنتظِمةٍ للدَّمِ سنويًا.
- أبلغ طبيبك عن أيّة أعراضٍ غير مألوفة، حتى لو بَدَتْ بَسيطة.
- تحدّث معَ طبيبك حولَ الفحوصات إذا كان لديكَ تاريخ عائليّ مِن نوع مُعيّن من السرطان.
الخُلاصة:
إذا كنتَ تتساءل إلى متَى يُمكن أن تُصاب بالسرطان دونَ معرفته، يُمكن أن تكون بعض السّرطانات مَوجودة لأشهُر أو سنوات قبلَ اكتشافَها.
بعضُ أنواع السّرطان التي لا يُمكن اكتشافُها في وقت مُبكر، وتكون بطيئة النّمُو، تمنحُ الأطبّاء فرصة أفضل لِمُعالجة المُصاب؛ والبعض الآخر نُمُوُّهُ أكثرُ سُرعةً ويُمكن أن يكون علاجه أكثرَ صعوبة.
لِزيادة فُرَصَكَ في معرفة ما إذا كنتَ مصابًا بالسّرطان، تابِعْ الجّدولَ الزمنيَّ لِفحصِ السّرطان المُوصَى به، وأبلِغ طبيبك عن أيّةِ علاماتٍ أو أعراض مُثيرةٍ للقلق في أقربٍ وقتٍ مُمكن.